Saturday, January 12, 2013

!



لا أعلم إن كان من الممكن إسقاط مقولة "اتقِ شر الحليم إذا غضب" على الله أم لا.. لكن دون أن نأخذ الأمور بحساسية كبيـرة، فهي ملائمة بشدة..
الاختلاف أن الانسان الحليم شرّه بأسباب، ولكن ما يكتبه الله لك من شرِ ففي الأغلب لا يُطلِعَك على أسبابه وله في ذلك حكمة.
__
ركب أمامي في المترو زوجان تخطوا الثلاثين من العمر، ولكن الزمن خطّ فيهما أكثر من ذلك بعشرون عاماً على الأقل.. يردد الزوج عبارات السخط على قدره وما آل إليه أمره،، يسأل الله بحنق لماذا فعل به ذلك؟ يستغفر ثم يعيد السؤال مرة أخرى بضعفٍ وذل.
تربت الزوجة عليه، تمسح على شعره في خجل من أعين الناس، تطلب منه أن ينظر إليها ويكف عن الكلام مع الله، تمسك يده وتشد عليها فيتركها سريعاً دون أن يلتفت..
تضع رأسها على حافة النافذة وتبكي.
__
الإنسان الحليم لتتـقي شرّه فهناك العديد من الاختيارات المطروحة أمامك، ولكن سيظل الاختيار الأصعب هو ايقاف ثورته،، فهو إذا غضب سقطت عنه الصفة ولم يعد بعد حليماً.. أما الله فغير ذلك، يغضب ويظل بحكمته "الحليم".
لذا فمن المنطق أنك إن أردت أن تمنـع عنك الشر الذي ترى أن الله سلّطه عليك، وتـُوقف غضبه من السماء وتمنعه في الحال وهو آتٍ إليك، وأن تمحي بيديك ما كتبه الله لك في قدرك من أذى سيلحق بك، فالاختيار هنا واحد.. وهو أن تطلب من الله باسمه الحليم أن يتراجع! وأن الذي كتبه في لوحك أن يُمحـى.. والآن!
__
بعد صمت طويل بعض الشئ بين الزوجين.. يضع الرجل يده حول زوجته لتريح رأسها في صدره.. يدمعان.. فتقول: "ماتقلقش، كله ف إيد ربنا".. يرد: "الدكتور قال كلها أسابيع، شهر بالكتير... أنا مش عايز أفكر في نفسي وازاي هعيش من غيرك، أنا بس عايز أعرف انتي ليه هتموتي،، ليه إنتي تموتي، ليه؟"
__
يقسو الله وهو غاضب، وحين يحب يرسل ابتلاءاته بما لا طاقة لنا به.
__
تستمر الزوجة في مواساة زوجها،، وهو يردد بلا توقف: "انا مش عايزها تموت يارب،، انا مش عايزها تموت يارب"..
أربت على كتف المرأة بارتباك وأذكر لهم الاختيار الأوحد "لا يـرد القدر إلا الدعاء".
الله يتراجع! ففي الغضب والابتلاء يقسو البشر دون توقف، ولكن الله –باسمه الحليم- يتراجع!
هكذا يقول الحديث الذي بحثت جيداً في صحته.

الله يتراجع..
الله يتراجع..

يارب.

No comments: